وليد الركراكي... عاشق كرة القدم وصانع الإنجازات 

وليد الركراكي يحمس لاعبيه خلال مواجهة إسبانيا بكأس العالم - Reuters
وليد الركراكي يحمس لاعبيه خلال مواجهة إسبانيا بكأس العالم - Reuters
دبي -يوسف الشافعي

"ديرو النية"... الرسالة التي باتت بمثابة المفتاح السري لقلوب المغاربة في كل بقاع العالم. وليد، أو كما يحلو لأبناء وطنه مناداته "راس لافوكا"، دخل قلوبهم من دون استئذان وبات يُعتبر بطلاً قومياً رفع اسم المغرب عالياً في أعظم محفل كروي بالعالم، إثر قيادته جيلاً تاريخياً إلى دخول سجلات المونديال من أوسع أبوابه، بعدما بات أول منتخب عربي يبلغ ربع نهائي كأس العالم.

في 31 أغسطس الماضي، أعلن الاتحاد المغربي لكرة القدم نبأً أثار انقساماً في الآراء بالشارع الرياضي المغربي: وليد الركراكي مُدرباً جديداً لـ"أسود الأطلس"، خلفاً للمقال أو "المغضوب عليه" البوسني وحيد خليلوزيش.

وليد الركراكي خلال تقديمه مدربا للمنتخب المغربي الأول - 31 أغسطس 2022
وليد الركراكي خلال تقديمه مدربا للمنتخب المغربي الأول - 31 أغسطس 2022 - AFP

 

تسلَّم الركراكي مهمة الإشراف على المنتخب قبل أقلّ من ثلاثة أشهر من بدء كأس العالم، في تحدٍ وصفه مؤخراً بـ"المجنون".

رجلُ التحديَات وصانع الإنجازات أينما وطأت قدماه، تسلّح برسالته الشهيرة "ديرو النية" وخاض التحدي غير آبه بما ينتظره من مجهول، وهو يتسلّم منتخباً من دون هوية تكتيكية واضحة، ومشكلات مع بعض النجوم، في مقدّمهم حكيم زياش، المُعتزل دولياً بسبب خلافات شخصية مع خليلوزيتش.

تضحيات شخصية

الحُبّ، الإيمان، الرغبة والنيّة، عوامل يتسلّح بها وليد الركراكي في كل مكان، ولا يتوانى عن إظهار ذلك كلّما أتيحت له الفرصة.

صناعة الإنجاز لا تأتي عبثاً وتحتاج لتضحيات جسام، والوصفة وراء ذلك هي مجموعة من التفاصيل الدقيقة التي تتطلّب عملاً مُضنياً وجُهداً كبيراً، كونه أحد المدربين القلائل في العالم الحائز على شهادات تدريب احترافية، من اتحادات أوروبا وإفريقيا وآسيا لكرة القدم.

وليد الركراكي عاشق لكرة القدم إلى حدّ الجنون، يعيش من أجلها وضحّى مرة بحياته الشخصية لملاحقة الإنجازات. قاده القدر للمشاركة في كأس العالم مدرباً لمنتخب بلاده، بعدما فشل في تذوّق طعم العالمية لاعباً، مع الجيل التاريخي لـ"أسود الأطلس" في مونديالَي 2002 و2006.

وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي يحتفل مع لاعبيه بعد الفوز على إسبانيا - 6 ديسمبر 2022
وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي يحتفل مع لاعبيه بعد الفوز على إسبانيا - 6 ديسمبر 2022 - REUTERS

 

الركراكي ارتدى ثوب الـ"سبيشال وان" خلال تجاربه التدريبية، إذ يُعتبر من المدربين الذين يمنحون الحبّ للجميع ويُركّزون على الجانب "النفسي والذهني" للاعبين، ويدفعهم للقتال من أجله، الأمر الذي يجعله ناجحاً في كل محطاته، ناهيك عن حنكته التكتيكية وإلمامه الكبير بالتفاصيل الدقيقة.

قبل تسلّمه المنتخب المغربي الأول، حظي "صانع السعادة" بمهمات عديدة في مسيرته التدريبية، التي تبلغ نحو عقد، إذ بدأ في منصب مساعد مدرب المنتخب المغربي، في سبتمبر 2012، قبل أن يترك المنصب بعد سنة ويواصل تركيزه على استكمال شهاداته التدريبية.



 

عام للذكرى مع الوداد الرياضي


قُربه وعلاقته الوطيدة بالمدرب الفرنسي المخضرم رودي جارسيا، جعلاه يتلقّى عرضاً للعمل معه في الطاقم الفني لنادي روما الإيطالي، لكنه فضّل ركوب قطار التدريب للمرة الأولى، في يونيو 2014، بعد تعيينه مُدرباً للفريق الأول في نادي اتحاد الفتح الرياضي بالمغرب، الأمر الذي شكّل آنذاك صدمة في الوسط الرياضي المغربي، وأثار انتقادات لمسؤولي النادي، نتيجة منحهم الفرصة لمدرب شاب لم يسبق له العمل كمدرب أول.

وبعد أشهر فقط، بات الركراكي حديث الجميع في المغرب، بنجاحاته الرياضية وظهوره الإعلامي في المؤتمرات الصحافية، إذ لُقب حينها بالـ"سبيشال وان"، نتيجة ممارسته ضغوطاً إعلامية على خصومه.

نجاحاته التدريبية لم تتأخر، إذ حصد لقب كأس العرش المغربي في أول مواسمه كمدرب للفتح الرياضي، قبل أن يواصل النسج على المنوال ذاته، مُتوّجاً بلقب الدوري المغربي، الأول في تاريخ النادي.

الركراكي كسر القاعدة في المغرب، إذ ظلّ مُدرباً لنادي الفتح الرياضي حتى أواخر عام 2019، قبل أن يرحل لتدريب الدحيل القطري، وقيادته للفوز بلقب دوري النجوم القطري في أول موسم معه.

وليد الركراكي يحتفل بتتويجه بلقب دوري أبطال إفريقيا رفقة الوداد
وليد الركراكي يحتفل بتتويجه بلقب دوري أبطال إفريقيا رفقة الوداد - facebook/@walidregragui

 

وفي أغسطس 2021، عاد الركراكي إلى وطنه، مُوقعاً على عقد لموسم واحد مع الوداد الرياضي، موسم وعام للذكرى حصد فيه "الأخضر واليابس"، متوّجاً بلقب دوري أبطال إفريقيا على حساب النادي الأهلي المصري، إضافة إلى لقب الدوري المغربي للمحترفين، بينما خسر نهائي كأس العرش المغربي بركلات الترجيح.

عام 2022 يبقى استثنائياً للرجل الذي شغل المغرب بأجمعه، إذ يواصل نجاحاته المبهرة، من خلال بلوغه ربع نهائي كأس العالم، إذ بات أول مدرب عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز.

 

تجربته كلاعب


وُلد الركراكي في فرنسا من مهاجرين مغربيين، وتوطّدت علاقته بكرة القدم في سنّ مبكّرة، بعدما اكتشفه رودي جارسيا، عندما كان الأخير يدرّب الفريق الأول لنادي كورباي إيسون للهواة.

وبعد موسمين فقط بقميص الفريق الأول، التحق الركراكي بفريق "راسينغ دو باريس" في الدرجة الثالثة بفرنسا، قبل أن يصطاده نادي تولوز في عمر 23 عاماً.
الركراكي واجه عراقيل، بعدما تخلّى عنه تولوز نتيجة مشكلات مالية، إثر تعرّضه لعقوبات ضريبية، وبقي من دون فريق لمدة 6 أشهر، ممّا حرمه من المشاركة مع المنتخب المغربي في كأس إفريقيا عام 2002.

رغبته في العودة لحمل قميص "أسود الأطلس"، جعلته يبحث عن حلّ وجده في نادي أجاكسيو الفرنسي بالدرجة الثانية.

تألّق الركراكي مع أجاكسيو، إذ نجح في قيادة الفريق إلى الصعود لدوري الأضواء، وكسب مكانته في المنتخب المغربي الأول.

وليد الركراكي بقميص راسينغ سانتاندير الإسباني في حديث مع نجم ريال مدريد بيكهام
وليد الركراكي بقميص راسينغ سانتاندير الإسباني في حديث مع نجم ريال مدريد بيكهام - Getty images

 

وكان الركراكي أحد أبرز عناصر الجيل التاريخي لـ"أسود الأطلس"، الذي بلغ نهائي كأس إفريقيا في تونس عام 2004، ممّا ساهم في توقيعه مع نادي راسينغ سانتاندر الإسباني.

وبعد معاناة كبيرة مع الإصابات، اضطر الركراكي لمغادرة النادي الإسباني والبحث عن تجربة جديدة في الدوري الفرنسي، إذ لعب لناديَي ديجون وغرونوبل، قبل أن ينهي مسيرته مع أحد أندية الهواة في فرنسا عام 2010.

تصنيفات